هل شاهدت تلك الصور الجذابة و الجميلة على شاشات العرض في متاجر البرغر العالمية الشهيرة و ركزت فيها مطولاً لتقرر ما تشتري ؟ من الطبيعي جداً أن معظمنا أو ربما جميعنا توقف عند تلك الصور متأملاً كم هي شهية مما دفعتنا إلى شرائها ، أجل شراء الصورة وليس المنتج ( الهمبرغر ).
نحن لا نشتري المنتج من متاجر البرغر بل نشتري الإعلان المصور
سأوضح لك كيف أننا لا ندفع ثمن المنتج من متاجر البرغر العالمية الشهيرة بل ندفع ثمن الإعلان المصور.
شخصياً طالما توقفت برهة عند تلك اللحظة و شعرت بامتعاض حتى أنتم فكرتم مثلي أليس كذلك ؟
نحن نرى الصور و قد التقطت باحترافية عالية في استديوهات تصوير احترافية، و ربما لا تعلم كم من الجهد و الوقت و الخبرة يبذل المصورون لجعل هذه الصور تبدو شهية و جذابة كما هي عليه بعد عمليات الإخراج الفني و الرتوش التي تجري عليها . - و هنا أود أن أنوه أنّ بعض المصورين تجنباً للوقت و الجهد الكبير يلجؤون إلى استخدام مجسّمات صناعية للأغذية و الأطعمة تبدو و كأنها حقيقية مما يوفر الوقت و يتيح استخدامها في جلسات تصوير أخرى . – ثم تُصدّر هذه الصور للمستهلك فتدفعنا إلى الشراء، و هنا نتفاجأ بأننا حصلنا على فتات من هذه الصور أو نسخة كرتونية - كأن تحصل على ميني كوبر بعد أن اعتقدت أنّك ستحصل على سيارة هامر- فقط طبقتين من الخبز الأجنبي المدور لا يتجاوز قطرها السبعة سنتيمترات حُشرت بينهما شريحة لحم بسماكة لا تتجاوز الثلاثة مليمترات مع طبقة من الكتشب و بالكاد تشاهد بالداخل باقي المكونات تلتقطها و تأكلها ببضعة لقيمات بعد أن كنت قد دفعت ثمناً لها في المتوسط ستة دولارات، و قطعة الهمبرغر هذه لا تحاكي الصورة و لا بأي شكل من الأشكال ومع ذلك قمنا بشرائها.
الخدعة التسويقية
يقومون بخداعنا و نحن مدركين للخدعة و مع ذلك نشتري و لا نعترض.
في عالم التسويق و استراتيجياته يطلقون عليه أساليب التسويق و هو أحد أساليب التسويق الإعلاني و أنا أسميه الخدعة التسويقية، فهم يقومون بخداعنا و نحن مدركين للخدعة و مع ذلك نشتري و لا نعترض فما هو السر في ذلك ؟
بعيداً عن السياسات التسويقية و سياسات التسعير لتلك الشركات و أساليبهم المتعددة و التي تؤثر في مجملها ب 30 بالمئة من عامل الجذب فإن النسبة المؤثرة الأكبر هي بالصور و ربطها مع الحاجة الضرورية للإنسان وهي الطعام وهنا يكمن السر .
صورة تكلف إحداها من مئة إلى ثلاثمئة دولار و إعلان متحرك بثلاثة آلاف دولار و فيديو إعلاني بعشرات الألاف و مطبوعات و إعلانات مدفوعة و الكثير من التكاليف التي تنفق على تصاميم الهوية البصرية بالإضافة لتكاليف التشغيل و التسويق و في النهاية يبعوننا منتجاً قد تشتري مثيله في السوق المفتوحة ينافسه بل و يضاهيه بالطعم و الحجم .
أنا شخصياً أدرك و مقتنع أنّ الصور الفوتوغرافية تلعب الدور الأبرز في عملية التسويق و الإنتشار و لكن على أن تكون الصورة تحاكي المنتج الحقيقي و هذا أيضاً ما نلاحظه في متاجر التسوق الإلكتروني حيث يكون المنتج لا يطابق الوصف و الصورة في المتجر أو الإعلان فنضطر إلى إعادتها و السؤال لماذا لا نعيد قطعة الهمبرغر بعد شرائها أو على الأقل نعترض؟
باسل بني
20.05.2024
Comments